“إيقاع”

“إيقاع”

.

فجأةًتجدُ نفسكَ واقفاً تحت ظلّ شجرةيخطفكَ إيقاعٌ بالكاد تسمعهقادماً من البعيد..!

لا تعرفُ كيف قادتكَ قدماكَ إلى هنافي النصفِ منسبتمبر“… حيثُ الحساسيةُ فيهِ تجرشُ أنفكَ حتى الدماغ..!

جُلّ ما تتذكرهُ تلويحةُ الطفلة الخاطفةِ لكَ ورأسُها يِطلّ من نافذةِ السيّارةِ التي عبرَت بجانبك قبل دقائق….لتستمتعَ بنسيم الخريف وهويداعبُ شعرهاوربما هي مثلكَكانت تُحاولُ أن تُصغي إلى إيقاعٍ قادمٍ من البعيد..!

.

يتحسّسُ لسانُك نكهةَ القهوة الأخيرة التي لم ترغب أن يزيلها قليلٌ من الماء لتروي ظمأك…..وأنت تحاول أن تقبضَ على الإيقاع..!

.

تُفكّرربما الإيقاعهو الماضي الذي يحاول أن يفرّ من قبضة الزمن العتيدمن شقوق ذاكرتكَ الهشة..!

أو ربما هو الحلم…!

الحلمُ الذي يكونكَ وتكونه..! بلا انفصالٍ واقعيٍ يُغرّر بك بأقنعته الكثيرة..!

.

يزداد الإيقاعُ وضوحاً…. وأنت تتأملُ كناسكٍ أوراقَ الشجرة المدلاّةِ من الغصون كفتياتالواق واقالفاتنات..!

فجأةً ….تتمتمُ شفتاكَ بأغنيةِ (سامْري) لا تدري من أين تسرّبت ….من الذاكرة أم من هذه الشجرة لفرط التوحّد..، فتُغنّيها بهمسٍ دافئوالغصون جوقةٌ راقصة :

( يا جرّ قلبٍ جرّ لدنَ الغصونِ

وغصون سدرٍ جرّها السيل جرّا

وأهلهْ منِ أوّل بالورق يورقوني

على غديرٍ تحته الماي قرّا)*..!

.

يتسارعُ الإيقاعفتنخطفُ في فضاءٍ لا متناهيتنخطفُ وأنت لا تعرف..!

تفكّرُ.. لكنك لا تعرفتُحملقُ ولا تعرفتتسائلُ ولا تعرفتغنّي ولا تعرف.. ترقصُ ولا تعرفتنتشي ولا تعرفيخطفكَ الإيقاعُالبعيد..ولا تعرفتخطفكَ تلويحةُ الطفلة ولا تعرف..تخطفك نكهةُ القهوة الأخيرةولا تعرفيزداد الإيقاع وضوحاً ولا تعرف..يزدادالإيقاع..ولا تعرف..يزدادولا تعرف..تحت شجرةٍولا تعرف…. فجأةًولا تعرففي النصف من سبتمبرولا تعرفتصحو من السكرةِ كالعائد من نشوة الجنس الخاطفة فجأةً…..ولا تعرف..!!

.

عدنان المناوس

.

كتب من قبل:

عدنان المناوس

إنسانٌ يحاول الشعرَ والسرد والنقد. إنسانٌ يحاول..لا أكثر ولا أقل..!

عرض كل المقالات

4 تعليقات

comments user
تالا الخطيب

تعرف ؟؟؟ بين كل ” لا تعرف ” وأخرى هنا وجدتُ نفسي أختنق في كومة كلمات ثم ما ألبث أن أتنفس كلما مد حرفك ذراع السلام الروحي
هكذا هو الأدب وتلك هي حكاياته .. يأخذك إلى حيث لم تستطع وصولا من قبل ومن ثم يعيدك إلى حيث بدأت إن أراد
لله أنت

    comments user
    عدنان المناوس

    أستاذة تالا،

    سعيدٌ أن شاركتني الشعور بهذا “الإيقاع” من بدايته وحتى تسارعه حتى الانخطاف في مداه…حد الاختناق الباعث للسلام الروحي لحظة امتداد المسافة بين (لاتعرف) و (لا تعرف) الأخرى..!

    هو الأدب ..وهو الإيقاع..وهو هذا العود الأبدي الذي نحيا به ونموت..!

    حضورك يزيد من انسياب الإيقاع في الروح شاعرتنا المبدعة، فجزيل الشكر و الامتنان على منحي بهجة حضورك البهي 🙏😊🌺

comments user
سارة بنت علي محمد

فجأة تتسرب الأغنيات من الذاكرة أو الشجرة ان يختلف الأمر كثيرًا ففي إزدحام المعرفة اعرف أو لا تعرف يقين أو شك مؤكد أنك لم تصل بعد وربما تتعثر رغبة منك في الا وصول

_______
جميل كعادتك يا عدنان نضيع ونحن نقرأ وتضع بداخلنا شيء من فلسفتك الغاوية بالسلام والتسلل بالمزيد من الأسئلة العالقة والعاقلة صباحك جمال

    comments user
    عدنان المناوس

    مساؤك/صباحك جمال أستاذة سارة

    سعيد كثيراً بهذه القراءة التي تسبر أغوار الكلمات لتقرأ الصدى المتوقد خلفها في الأعماق في هذه المتاهة الهائلة التي تشظت روحي على إيقاعها الهادر!

    سعيد كثيرا بهذا الحضور الأجمل الذي يحتفي بالنص وما وراءه ، وهذا ما يحعلنا ككاتب وقارئ للنص (شريكين في شركٍ واحد) على حد قول محمود درويش في احدى قصائده!

    ممتن كثيراً لمشاركتي هذه الرحلة الإيقاعية الناضحة بالحيرة والأسئلة فكل الشكر والامتنان لحضورك الأجمل، 🌺🙏🌺

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *