منذ يومين، وأنا أتغرغرُ بالقصيدة كمن يوشك على الموت، لا أستطيع دفعها من حنجرتي إلى خارج جسدي الضئيل… ولا أن أبتلعها…فالوجع أكبر من ذلك كلّه..!! . . منذ يومين…و القصيدة تجرّحُ حنجرتي…يسألني من يحادثني مابه صوتك..؟! فأكذب عليه بأنّ السبب يكمن في أني لم أحدّث أحداً منذ أن استيقظتُ من النوم…..و أنا أخشى أن تفضحني حشرجتي بالقصيدة….فالوجع أكبر من ذلك كلّه..!! . . أحمل بباطن كفّي قرصاً صغيرا من تلك الأقراص التي تهدّئ دقّ مطارق الجنون في رأسي….أحدّق فيها كصائغٍ يحدق في جوهرةٍ ثمينة….وقبل أن أبتلعها.. تُسقطها على الأرض رعشةُ رعبٍ تسري في كفّي….وأنا أسمع قهقهات جنّ القصيدة التي أكاد أختنق بها…قهقهاتٌ تدفعني لجنونٍ أكبر من أن يهدّئهُ هذا القرص الصغير…فالوجع أكبرُ من ذلك كله…!! . . أخرج من المنزل…قاصداً المقاهي..علّني أرشو القصيدةَ بخمرة المتصوفة السوداء…ولكنني أعود إليه خائباً …أجرجر روحي التي أنهكها الركضُ خلف آثار ذلك الشيطان اللعين…شيطانُ القصيدة التي أغص بها الآن….آهِ يا صاحبي….الوجعُ أكبر من ذلك كله…!! . . أملأ حوض الإستحمام بالماء الدافئ…أذوّبُ فيه قِطعاً من الملح البحريّ…وأغطسُ فيه دقائق تعادل عمراً كاملاً أقضيه في سكينة الجنة…أغطسُ مغمض العينين…حالماً على وقع موسيقى الإسترخاء..أن أقفز من أعماق جنوني ..وأركض للعالم عارياً صارخاً في وجهه بكل ما تتّقدُ به خلاياي من بهجة الخلاص…لقد ..(وجدتها)…! ولكنّ الوجع أكبر من ذلك كله..!! . . ترقصُ روحي منتشيةً بالقراءة في مدار حلقةٍ من الكتب العظيمة، تمدّ شياطينُ الكتّاب أعناقها من أغلفة الكتب مثل زرافاتٍ وتصيح في وجهي : ..أيها المسكين..لا تطلب حلاًّ ولا تأمل بخلاص…فكلّ هذه الكتب كانت محاولةً عبثيةً لاحتواء كلّ هذا الوجع الذي تشعرُ به الآن….ولكن هيهات…فالوجعُ أكبرُ من ذلك كلّه..!! . . .
#حرفي
#عدنان_المناوس